خرافة النسب وشجرة العائلة، والنقاء القومي!

الأنتماء الممكن والمعقول ليس للاجداد، بل للوطن وتاريخه والعيش المشترك!
52806636 2057017214374951 7503152122007912448 n
هنالك خطأ كبير شائع في علم الانساب وشجرة العائلة والبحث عن الجذور العائلية، الذي على اساسه تحدد اصول القبائل والقوميات. ان البحث عن النسب وشجرة العائلة، امر شائع ليس لدى العرب والشرقيين، بل في العالم اجمع. حتى في اوربا توجد مكاتب خاصة تبحث لك عن تكوين شجرة عائلتك، تحت تسمية علمية: (genealogie)!
لكن المشكلة الخطيرة التي برزت في السنوات الاخيرة، ان البشرية كانت قد تعودت لمعرفة النسب، الاعتماد فقط على ناحية الاب واجداده الذكور. لأن الفكرة الشائعة سابقا، ان الاب الذكر وحده المسؤول عن عملية التخصيب، وان الأم مجرد حامل.
لكن التفكير الجديد الذي بدأ يسود، يقول اننا ننسى حقيقة مهمة قد اصبحت منذ سنوات طويلة، واضحة وعلمية غير قابلة للجدل:
ان بذرة الرجل وبذرة المرأة تشتركان سوية بصنع الجنين. وان الانسان يرث جيناته وكيانه البدني والروحي، من امّه وأبيه بصورة شبه متساوية، بنسب متغيرة قليلا. قد ترث البنت من ابيها اكثر من امها، وقد يرث الولد من امه اكثر من ابيه.
إذن هذا يعني، ان اصل الانسان بالمعنى الحقيقي والوراثي، يجب ان لا يعتمد فقط على الاجدّاد الذكور من طرف الأب، بل ايضا على الاجداد ذكور واناث، من طرف الأب والأم.
Genalogie
وهذا امر خطير جدا جدا، ينسف تماما كل عقلانية وجدّية النسب وشجرة العائلة. تعالوا إنظروا مثال تطبيقي:
لقد تعودت على فكرة ان اسلافك لثلاث اجيال، هم ثلاث فقط : ابوك ثم جدّك ثم جد جدّك،. وهذا امر سهل ومريح جدا . لكنه ابدا غير حقيقي، لأنه لا يُمثل ابدا العدد الحقيقي لاسلافك لثلاثة أجيال.
فلو احتسبت كذلك جانب الاجداد والجدّات، من طرف اللأم والاب، لاختلف الحساب تماما تماما، وتضاعف عدد الاشخاص المسؤولين عن ميراثك الجيني وكيانك، الى ارقام هائلة لا تخطر على البال ابدا.
تعالوا لنحسب: الجيل الاول يتكون من الأم والأب. ثم هنالك ام واب لكل منهما اية اربعة، ولهؤلاء الاربعة كل منهم له أم وأب ، أي ثمانية، فيكون المجموع الكلي للاجيال الثلاثة ، ليس (3 اجداد) ، كما تعودنا، بل ( 14 جدّ وجدّة) !!!
اخيرا، هاكم هذا الرقم العجيب والحقيقي رغم انه من الصعب تصديقه:
خلال 800 عام فقط، حيث المعدل المتوسط للأجيال هو 33 جيل. وهذا كما تعودنا، حسابه واضح! أي خلال 33 جيل انت تمتلك 33 جد ذكوريّ: فلان ابن فلان ابن فلان.. الخ..
ولكن هيهات. فلو حسبت الاجداد الذكور والاناث، لأختلف عدد اسلافك بدرجة تتجاوز المعقول!
لا اقول لك الآن العدد الهائل والعجيب للأسلاف فقط لــ 33 جيل. أتركك تحسب العدد الكلي الذين تتكون منهم شجرة نسبك وساهموا ا فعليا في صنع ميراثك الجيني وتاريخك العائلي. أكرر فقط خلال ثمانية قرون، أي خلال 33 جيل؟!
اترك لكم اعطائنا الرقم! وسأكتبه انا فيما بعد.. لكي تكتشقوا بأنفسكم الاستحالة المطلقة لمعرفة الاسلاف المسؤولين عن تكويننا. وان البحث عن أبعد من الجيل الثالث، يدخلنا في مجال الخرافة والاستحالة!
وان الانسان بالحقية، هو نفسه شجرة، ينتمي للأرض التي نبت ونشأ فيها.