فكر

خرافة الديمقراطية!؟ 

* في الدكتاتورية يمنعونك من الكلام، ولكن في الديمقراطية
يقولون لك: ثرثر كما تشاء فلا احد يسمعك!!

 * نعم نحن يجب ان نطالب بالديمقراطية، ليس لأنها الحل
الامثل والخلاص الاكبر، بل لانها اقل الحلول سوءا.

 * التغيير السلمي لقادة الدولة، هوالمكتسب الايجابي التاريخي الواحد الوحيد
الذي قدمته الديمقراطية لتاريخ البشرية.

سليم مطر ـ جنيف
حزيران 2014

من يطالع تاريخ البشرية في جميع الاوطان والقارات والفترات، يجد ان 90% من حالة تغيير قادة الدولة والملوك ظلت دائما تتم عن طريق العنف والدم: القتل والتسميم والانقلاب. فمن اجل ازاحة الملوك والقادة، كان حتى الابن يقتل ابيه، والاخ يسمم اخيه، والزوجة تخنق زوجها، والتابع يثور على سيده، والوزير يدخل جيوش الاعداء..
اما الديمقراطية فأنها ادخلت الينا لعبة جديدة وعبقرية لم تعرفها البشرية من قبل : لكي تزيح قائد الدولة وتحل محله، لست مضطرا ان تتآمر عليه وتسممه او تغتاله او تعلن الحرب ضده، بل ما عليك الا اللجوء الى ما يسمى بـ(اللعبة الديمقراطية) التي تسمح لك بكل الوسائل مهما كانت قذرة ولا اخلاقية، المهم ان تكون سلمية:
الضغط السياسي والتشويه والتحريض والتهديد وخداع الناس وكسبهم والتاثير على مراكز القوة بمختلف الوسائل المالية والاقناعية. بل يمكنك حتى الى اصطناع تمردات داخلية وحروب خارجية من اجل الحط من غريمك وكسب الناس والفوز بالانتخابات، كما فعل مثلا هتلر وموسوليني وجورج بوش..
اما باقي المدائح والمنجزات التي تنسب للنظام الديمقراطي فهي مجرد تمنيات وخيالات كاذبة. فهذا النظام لا يختلف ابدا عن كل الانظمة السابقة الفردية والدكتاورية والعسكرية والاقطاعية والامبراطورية التي عرفتها اوطان العالم طيلة تاريخ البشرية. فمن ينظر مثلا الى الانظمة الديمقراطية في اوربا وامريكا يجد كل عيوب الانظمة السابقة:

1 ـ استحواذ الاقلية على ثروات الوطن. وبالتالي على الاحزاب وعلى الدولة كلها. فالواقع الحقيقي هو عكس ادعاء الديمراطية، فأن تاريخ اوربا الغربية الحديث بين أن الاحزاب التي تفوز ليس بالضرورة ان تكون هي الاحزاب الاصلح للشعب، بل هي الاحزاب الاغنى التي تمتلك التأثير على وسائل الاعلام والمدعومة من قبل اصحاب الثروات. فهاهي امريكا معقل الديمقراطية، منذ اكثر من قرنين يتحكم بها حزبان لا يختلفان عن بعضهما الا بالاسم!!؟؟ كذلك لنا مثال الاحزاب الشيوعية التي كانت لها شعبية كبيرة جدا في الكثير من بلدان اوربا الغربية مثل ايطاليا وفرنسا وغيرها، ولكنها مع ذلك طيلة عشرات السنين لم يستطيع اي منها الفوز بالانتخابات بسبب الحصار الاعلامي والمالي والمخابراتي المفروض عليها.

2 ـ اكذوب حرية الاعلام والتعبير اذ ان سيطرة الاقلية على عقول وضمائر الناس، لا تتم مثل السابق من خلال الدين(المسيحي)، بل من خلال السيطرة على وسائل الدعاية والاعلام الجبارة والشيطانية المذهلة.
نعم صحيح يمكنك بكل حرية ان تفتح جريدة معارضة، ولكن ما الفائدة اذا كانت صحيفتك فقيرة لا توزع سوى بضع مئات او آلاف من النسخ، بينما صحف الاغنياء والفاسدين والمنحلين والفضائحيين والشاذين توزع الملايين من النسخ!؟ بالاضافة الى القنوات التلزيونية الجبارة التي لا يسمع بها أي صوت معارض!

3 ـ الغش والسرقة والخداع من اجل جمع الاموال ودعم العصابات والمافيات العلنية والسرية. فمثلا، مصانع الادوية تمول آلاف الباحثين والاساتذة والمختبرات والمستشفيات والاطباء لكي يعملون الدعاية لأدويتهم التي نكتشف بعد سنوات انها مضرة، فتسحب من الاسواق بكل هدوء دون أي حساب وعقاب؟!!!!

4 ـ استمرار وجود اجهزة القمع والبوليس والمخابرات والسجون وقمع المظاهرات وتهديد المعارضين بشتى الوسائل والضغوط المالية والثقافية وغيرها. فهاهي مثلا فضائح مراقبة وتجسس مخابرات امريكا على وسائل الاتصال الحديثة.

5 ـ استمرار وجود الجيوش وتصنيع الاسلحة وشن الحروب وحبك المؤامرات ضد الاوطان الضعيفة. فما معنى الديمقراطية ان تسسمح لشعبك بممارسة بعض الحرية والسلام وبنفس الوقت تمارس كل الشر والقمع والدم والسرقة ضد الشعوب الضعيفة؟ وليس صدفة انه باسم الديمقراطية والحداثة والتقدم اقترفت خلال القرنين الاخيرين افضع الحروب الاستعمارية والابادة العالمية والمؤامرات والانقلابات الدموية!!!

نعم نحن يجب ان نطالب بالديمقراطية، ليس لانها الحل الامثل والخلاص الاكبر، بل لانها اقل الحلول سوءا.
فلن ننسى ان نقول دائما وابدا: ان الديمقراطية لم تضف أي منجز اخلاقي وانساني كبير ومتميز الى البشرية والانظمة السياسية. ويظل منجزها الواحد الوحيد:
امكانية تغيير قادة الدولة بدون قتل ودم. هذا عموما وليس دائما..