نخب العالم العربي ومرض(عقدة الضحية ـ Victim mentality)؟!

g 190603 2

سليم مطر ـ جنيف

ـ اوضح تعبير عن هذه العقدة: غالبية اغانينا التي تلوم (العُزّال والحُسّاد) وتبكي ظلم القدر!!

ـ ان (عقد الضحية: انا مسكين وضحية للآخرين) لدى الافراد والجماعات، دليل على الطفولية وعدم النضوج.

ـ نحن بحاجة الى: ثقافة نقد الذات اولا، قبل نقد الخصوم!

ـ غالبية نخبنا وأحزابنا وطوائفنا، يعتبرون أنفسهم ضحية مسكينة لبعضهم البعض: المثقفون ضحية الحكومات. الحداثيون ضحية للسلفيين. الاسلاميون ضحية للعلمانيين وللملحدين. الشيعة ضحية للسنة والسلفية. السنة والسلفية ضحية للرافضة وللايرانيين. المسيحيون ضحية للمسلمين. الاكراد والبربر ضحية للعرب.. الخ.. هكذا لا أحد من جميع هؤلاء يتحلى بروح الرجولة والمسؤولية وينتقد تاريخه وتعصبه ومؤامراته وخطاياه!!!

 

في أواخر اعوام التسعينات تسببت انا بغضب المعارضة العراقية في الخارج، بعد نشري مقالا في احدى الصحف العربية في لندن، تحت عنوان:

صـــــدام ليــــس السبــــب، بل هــو النتيجــة!

وخاطبت فيه المعارضة قائلا: انه من الخطأ الكبير اعتباركم (صدام حسين) هو السبب في كل كوارث العراق، وإدعائكم انه بعد التخلص منه سوف تشيدون لنا جنة على الارض!!!

وطالبت المعارضة ان تبدأ اولا بنقد نفسها وتاريخها، لأنها هي السبب بتسهيل صعود انسان مغامر ومصاب بداء العظمة مثل (صدام) الى السلطة واستمراره بها. فجميع احزاب المعارضة، الشيوعية والكردية والعروبية والاسلامية، ارتكبت خطايا كبرى في تاريخ العراق الحديث، من صراعات واحترابات وانشقاقات وخيانات وتبعيات للدول الاقليمية والعالمية. واكبر دليل انها بحجة التخلص من (دكتاتورية صدام)، رضيت التحالف مع المخابرات الانكليزية والامريكية والايرانية والسعودية، والموافقة على اجتياح العراق!                                                                                      

وقد انذرتهم، انهم سوف يكررون نفس خطايا(صدام) وأكثر، إن لن يمتلكوا الشجاعة والضميرية للمراجعة العلنية لتاريخهم ونقد خطاياهم.

وكلنا نعرف ولا زلنا نعيش كارثة المشروع الامريكي (لتحرير العراق وبناء الديمقراطية). وقد تكررت هذه الكارثة من قبل المعارضات في ليبيا وسوريا واليمن. ولازالت جميع نخبنا تكررها بطرق مختلفة:

ـ نعم من حق المثقفين ان يشكوا ويدينوا قمع الحكومات، ولكن عليهم اولا نقد خطايا غالبيتهم بالتبعية الفكرية لكل ما هو اجنبي، وتعاليهم البائس على الشعب، وتقديسهم لثقافة النميمة والنفاق والغيرة الصبيانية ضد بعضهم البعض.

ـ نعم من الضروري نقد التعصب والارهاب السلفي، ولكن يتوجب الاعتراف انه نتيجة طبيعية لخطايا جميع الاحزاب العلمانية والقومية واليسارية والليبرالية، وتعصبهم الاحتقاري ازاء كل ما هو مسلم، وتعاليهم عن الدخول في حومة الجدال والدارسة من اجل تطوير الفكر الاسلامي.

ـ نعم من حق الاحزاب القومية (غير العربية) في بلدان المشرق والمغرب، ان تدين تعصب العروبيين، ولكن عليهم اولا نقد تعصبهم وحقدهم العنصري ضد كل ما هو عربي!

نعم ان (عقد الضحية) من اول واخطر الاامراض التي تصيب الافراد والامم المهزومة!

آن الاون ان يكون شعارنا جميعا، الآية الكريمة: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ).

من المهم جدا القول: ان لوم النفس لا يعني ابدا، اللطم والتشاؤم واحتقار الذات.

بل يعني: التحلي بالشجاعة بمراجعة تاريخ(الفرد والاحزاب والجماعة) وتحليله ونقده، من اجل ايجاد افضل الطرق والمشاريع لتحقيق العيش الكريم.

----------

لمن يرغب التمتع بقصة شاعرية غريبة ومؤثرة عن معانات الشوق الى الامومة والطفولة:

http://www.salim.mesopot.com/index.php/hide-adab/5-2016-11-17-10-43-26