من اجل فك الاشتباك في المصطلحات العربية الشائعة!
سليم مطر/ جنيف
من المعلوم ان غالبية افكارنا ومصطلحاتنا السياسية والثقافية في العصر الحديث تمت ترجمتها من اللغات الاوربية. لكن المشكلة ان هنالك امكانية في اللغات الاوربية طالما سببت الاشكالات والتخبطات عند ترجمتها الى العربية. بل خلقت مشاريع حالمة وصراعات وطنية وقومية لا زلنا نعاني منها، بسبب سوء الترجمة. هاكم التوضيح:
في اللغات االاوربية ثمة فرق كبير بين المصطلح العادي الاصلي ونفس المصطلح اذا اضيف في نهايته لاحقة:

ism .. ist التي تحول المصطلح من (عادي طبيعي) الى (عقائدي او تعصبي)!
وهذا اخطر الامثلة:

National  بمعنى: وطني، مثل: انتاج وطني، تراث وطني، فريقي وطني، تاريخ وطني

ولكن هذه الكلمة مع اللاحقة: ism (Nationalism) يتغير معناها تماما:

الايمان العقائدي والحزبي وربما الغلو والتعصب.

 ان اخطر ما حصل بسبب هذا الخلط العشوائي بالترجمة، انه تم الخلط السياسي بين مفاهيم قادت بلدان منطقتنا لعدة اجيال، إذ على اساسها تشكلت الحركات القومية العروبية والكردوية وغيرها، من اخطرها: القومية والامة والوطن!!
(القومية: اثنية:
Ethnic، بمعنى قوم او جماعة مشتركة باللغة والثقافة والمنطقة) و(Ethnisme: القوموية، أي العقيدة والحركة السياسية التي تمجد القومية) مع مفهومي (Nation : وطن او امة) ومنه (National وطني بالمعنى المحايد: مثل انتاج وطني)، ثم (Nationalisme أي العقيدة والحركة التي تمجد الوطن).

فانتشرت لدى القوميين(والصحيح القوموين: العرقيين: teEthnis) مفاهيم اعتبروها بمعنى واحد، بينما هي مختلفة بل متناقضة: الامة العربية، الوطن العربي، والقومية العربية.( الآن حلت محلها : الامة الاسلامية!!)

بينما الواقع السياسي القائم على اساس انها: بلدان تقودها دول مختلفة وفيها شعوب مختلفة لكنها ناطقة بالعربية، يستوجب القول: الاوطان العربية.. الامم العربية، القوميات العربية.. مثلما نقول الامم الاوربية والقوميات الاوربية والاوطان الاوربية، لانها تقطن في قارة اوربا وتشترك بقواسم ثقافية وتاريخية وسياسية.. نفس بالحال بالنسبة الى قارتي افريقيا وامريكا الجنوبية.

وهذا الخلط العشوائي بين المفاهيم تم تبنيه ايضا من قبل الاكراد وباقي قوميات العراق والمنطقة. مما ادى الى خلق مشاريع قوموية سياسية حالمة وساذجة منافية للواقع والوحدة الوطنية واشعل صراعات واحقادا لا زالت ملتهبة..

 البديل اللغوية العربي المنسي

من المعلوم بأن اللغة العربية تمتلك ايضا لاحقة تفيد بالتفريق بين هاتين الصيغتين، الا وهي لاحقة: وي/ ويّة المشابهة الى اللاحقة الاوربية: ism/istلكن المشكلة ان هذه اللاحقة نادرا ما تم ستخدامها في التفريق بين صيغ المصطلحات. هاكم هذه الامثلة لتوضيح المقصود:

ـ اسلامي..اسلاموي، فنقول: التاريخ الاسلامي، والفقه الاسلامي.. ولكن نقول: الفكر الاسلاموي ، والحزب الاسلامــوي (اي الاسلام السياسي الحزبي).

ـ استعماري.. استعماروي: فنقول الحقبة الاستعمارية والجيش الاستعماري/ اما (الاستعماروي) فهو من لا زال حتى الآن يدافع عن الحقبة الاستعمارية ويتمنى عودة الاستعمار.(وهنالك مثقفون كثيرون للأسف)..
ـ وطني .. وطنوي: فنقول فريق الكرة الوطني.. ولكن نقول: الفكر والحزب الوطنــوي أي الذي ترتكز عقيدته حول الوطن ومصالحه.

ـ العلمي والعلموي: فنقول: دراسة علمية، ومجال علمي.. ولكن: عقيدة (علموية) وشخص (علموي). أي الذي يتخذ العلم كحجة لتبرير مغالاته في تفسير الحياة، ومعادات أي طروحات مختلفة، ويتهمها بالخرافة والرجعية.

ـ نسائي ونسائوي: فنقول : زي نسائي/ ولكن: حركة وعقيدة (نسائوية)..

ـ شيعوي وسنّوي: بدلا من القول شيعي اوسنّي: طائفي .. سلفي.. متعصب..
ـ ديمقراطوي: من يتخذ المنهج الديمقراطي كعقيدة مغلقة مقدسة ترفض أي خلالف وجدال حولها.

ـ عربي: هذه الكلمة لا تحتاج الى صيغة(عربوي) للتعبير عن العقيدة والمغالات، فلدينا كلمة فرضها التاريخ الحديث: (عروبي)، أي المنتمي لعقيدة سياسية حزبية مثل البعث والتيار الناصري ..

ـ كردوي، أي مثل (العروبي) من يغالي في (كرديته) ويحولها الى عقيدة معادية للشعوب والقوميات المجاورة.

ـ امازيغوي، مثل العروبي والكردوي، من يغالي بالامازيغية الى حد العنصرية الحقودة.

ـ الرأسمالي، وهو الذي يمتلك رأسمال مهم. اما (الرأسمالوي)، أي المؤمن بالنظام الراسمالي واخلاقه.

ضمن هذا السياق يمكننا التعامل مع العديد من المصطلحات المهمة في حياتنا الثقافية والسياسية، مثل:

 ـ (قومي: قوموي) (حداثي : حداثوي) (علماني: علمانوي) (مسيحي: مسيحوي) (اشوري :اشوروي)(سرياني : سريانوي) (ايراني : ايرانوي) (امريكي: امريكوي) (يساري : يساروي) (اخلاقي: اخلاقوي) (ديني دينوي) (سياسي: سياسوي) (اتحادي : اتحادوي)(اسرائيلي : اسرائيلوي) (انساني: انسانوي) (مسالم وسلمي: سلموي).. وهكذا دواليك..

لو تمكنا من اشاعة صيغة هذه اللاحقة (وي) لتصبح سائدة وشعبية، يمكننا الاستفادة منها بالتعامل مع صفات عامة غير سياسية، مثل:

ـ شخص (مُحبّ/ محبوي) و(حُبّي/ حبّوي) اي المغالات في المحبّة مع التملكية. بنفس المعنى: صداقي وصداقوي/ ملذاتي وملذاتوي/ مثقف ومثقفوي، ثقافي وثقافوي: أي المغالات في ادعاء الثقافة.

اخير يتوجب القول ان في العربية صفات كثيرة لا تحتاج الى التعديل، لان صيغتها المغالية والعقائدية موجودة مسبقا، مثل:

ـ عالمي وعولمي/ اخوي واخواني: حزب الاخوان/ كريم: مسرف او مبذر/ مقتصد: بخيل او شحيح/ جريء او شجاع: اهوج متهور/ فضولي او محب للمعرفة: متطفل تطفلي.. الخ..