العلاقات بين (الامم)، والعلاقات بين(الأزواج)؟!

MARIAGE

         سليم مطر ـ جنيف

ان افضل اسلوب لتبيان انواع (العلاقة بين الامم)، المقارنة مع(انواع الزواج) في تاريخ البشرية: 1ـ الزواج الاجباري. 2ـ زواج المصلحة المتبادلة. 3ـ زواج المحبة المتبادلة..

1ـ الزواج الاجباري: ويتمثل في علاقات السيطرة والاحتلال. وهذا يتم عندما يكون الطرف القوي بحاجة الى التوسع، لدوافع اقتصادية وعسكرية، من اجل الاستفادة من الطرف الضعيف في مختلف النواحي. وهذا يعني ان (الطرف الضعيف) ليس له اي مصلحة بالارتباط بالطرف القوي، لا ماديا ولا معنويا، بل هو الخاسر.  لنا امثلة كثيرة عن مثل هذه الارتباطات، واوضحها العلاقات الامبراطورية والاستعمارية. منها مثال: احتلالات ايران للعراق منذ الاخمينيين الذين احتلوا بابل ودمروها الى الابد، حتى الخامئنيين الحاليين الذين لا زالوا يسلطون ميليشياتهم وعملائهم منذ 2003 وحتى الآن. لأن ايران، دائما لها مصلحة مادية واستراتيجية باحتلال العراق، بينما العراق ليس له اية مصلحة بـ(ايران)، لان اتجاهه الطبيعي بقي عبر التاريخ نحو (بلاد الشام).

 

 

 

2ـ زواج المصلحة:  ويتمثل بالعلاقة القائمة على العقل والتخطيط وإدراك كل طرف انه يفيد ويستفيد من الطرف الآخر، سواء من ناحية المال والجاه، وغيرها.  وهذا واضح في التاريخ عبر (علاقات التحالف) وحتى (الهيمنة العسكرية) من اجل الاستفادة المادية وكذلك الحماية من الاطراف الاخرى التي تهدد احد الطرفين او الاثنين معا. وقد تتكون هذه التحالفات من عدة دول ضد تحالف عدة دول، كما هو حاصل في الاحلاف العسكرية والاقتصادية المعروفة، في عصرنا الحديث.  ولنا مثال: الدولة العثمانية، التي ما كانت تستمر سيطرتها على البلدان العربية، لولا الاعتقاد السائد حينها لدى العرب، ان هذه (الامبراطورية) هي من(مصلحتهم) لأنها تحميهم من الغزو الصليبي والايراني الشيعي.

3ـ زواج المحبة: ويتمثل بالعلاقة القائمة على المشاعر والعواطف ورغبة كل طرف باسعاد الطرف الآخر،  دون مقابل، بل ربما مع بعض التضحيات. ولنا امثلة ايضا كثيرة في التاريخ عن ارتباطات بين الدول اساسها (عاطفي) بسبب (التقارب الديني) او (الاقوامي العرقي) او حتى (التقارب العقائدي السياسي)، كما هو جاري في العصر الحديث بين الانظمة والشعوب: (الشيوعية) و(الليبرالية) و(الاسلامية) و(المسيحية).. الخ..

أن الزواج الذي يجمع بين (المصلحة والمحبة) هو الاقوى والاثبت:

لو عاينا في تاريخ المجتمعات، وحتى في المجتمعات الحالية التي نعايشها، من اهالينا ومعارفنا، لوجدنا ان (الزيجات اللاكثر ديمومة) هي القائمة على اساسين متداخلين: (المصلحة والمحبة).. اي ان (المحبة والمشاعر الصادقة بين المرأة والرجل)، لا تقتضي التضحية والخسارة المادية والمعنوية.  وان الطرفان، بالاضافة الى المحبة، يستفيدان فعليا من ديمومة العلاقة، سواء من ناحية الحفاظ على العائلة والاطفال، والملكية المشتركة،  والتضامن المعنوي والانساني.

وهذا النموذج الجامع بين(المصحلة والمحبة) هو الشائع عادة في (تكوين الاوطان). لهذا فأن (الشعوب الصاعدة القوية)، هي التي تدرك وتؤمن بقوة بوجود: (المحبة والمصلحة المشتركة)، بين مختلف جماعاتها ونخبها الفاعلة. وعلى العكس فأن(الشعوب الهابطة المنتكسة) تعاني من الضعف في (مشاعر المحبة والمصلحة) بينها.

اما على صعيد الدول، فأن من اوضح الحالات التي تجمع هذين العنصرين: المحبة والمصلحة، يتمثل في:

 

ـ (المعسكر الغربي: شعوب ودول اوربا وامريكا):  حيث تتوفر (المحبة والاعجاب) الى حد الوله بالثقافة الامريكية ونمط الحياة ونظام الدولة). كذلك هنالك (المصلحة المشتركة) للحماية الاقتصادية والعسكرية من قبل الاطراف الدولية المهددة: روسيا والصين.

 

ـ العالم العربي: الذي رغم جميع انتكاساته والتهديدات المدمرة التي تحيط به، الا ان (الرابطة المشتركة: المصلحية والمشاعرية) لا زالت قائمة بين شعوبه خصوصا، بل وياللعجب، تتعمق اكثر فأكثر كلما زادت هذه الخيبات. ويعود السبب الى قوة وعمق هذه المشاعر المتجذرة في اعماق التاريخ حيث التداخلات الجغرافية والعرقية والدينية والثقافية واللغوية.

ثم الادراك الواعي وكذلك الغريزي، ان هنالك (مصالحا مشتركة) خصوصا من الناحية (الامنية الحمائية)، لأن القوى المجاورة، طيلة التاريخ، دائما تبتغي السيطرة على جميع هذه البقعة الشاسعة والاصيلة والغنية والاستراتجية التي تسمى(العالم العربي).